ومن الحيرة التجاء جمع من المفسرين إلى جعل الإخبار عن المخاطبين بكونهم فيما مضى من الزمان أمة بمعنى كونهم كذلك في علم الله تعالى وقَدَره أو ثبوت هذا الكون في اللوح المحفوظ أو جعل كان بمعنى صار.
والمراد بأمَّة عمومُ الأمم كلّها على ما هو المعروف في إضافة أفعل التفضيل إلى النكرة أن تكون للجنس فتفيد الاستغراق. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٨٧ ـ ١٨٩﴾

فصل


قال الفخر :
احتج أصحابنا بهذه الآية على أن إجماع الأمة حُجَّة، وتقريره من وجهين
الأول : قوله تعالى :﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق﴾ [ الأعراف : ١٥٩ ] ثم قال في هذه الآية ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ فوجب بحكم هذه الآية أن تكون هذه الأمة أفضل من أولئك الذين يهدون بالحق من قوم موسى، وإذا كان هؤلاء أفضل منهم وجب أن تكون هذه الأمة لا تحكم إلا بالحق إذ لو جاز في هذه الآية أن تحكم بما ليس بحق لامتنع كون هذه الأمة أفضل من الأمة التي تهدي بالحق، لأن المبطل يمتنع أن يكون خيراً من المحق، فثبت أن هذه الأمة لا تحكم إلا بالحق، وإذا كان كذلك كان إجماعهم حجة.
الوجه الثاني : وهو ( أن الألف واللام ) في لفظ ﴿المعروف﴾ ولفظ ﴿المنكر﴾ يفيدان الاستغراق، وهذا يقتضي كونهم آمرين بكل معروف، وناهين عن كل منكر ومتى كانوا كذلك كان إجماعهم حقاً وصدقاً لا محالة فكان حجة، والمباحث الكثيرة فيه ذكرناها في الأصول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٥٦﴾


الصفحة التالية
Icon