والمعنى : كنتم خير الأمم التي وجدت في عالم الدنيا.
وفاعل ﴿ أخرجت ﴾ معلوم وهو الله موجد الأمم، والسائق إليها ما به تفاضلها.
والمراد بالناس جميع البشر من أوّل الخليقة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٨٩﴾

فصل


قال القرطبى :
وإذا ثبت بنَصِّ التنزيل أن هذه الأمة خير الأمم ؛ فقد روى الأئمّة من حديث عِمران بن حصين عن النبيّ ﷺ أنه قال :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " ( الحديث ) وهذا يدل على أن أوّل هذه الأمة أفضل ممن بعدهم، وإلى هذا ذهب معظم العلماء، وأن من صحب النبيّ ﷺ ورآه ولو مرّة في عمره أفضل ممن يأتي بعده، وأن فضيلة الصحبة لا يعدِلها عمل.
وذهب أبو عمر بن عبد البِّر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وأن قوله عليه السَّلام :" خير الناس قرني " ليس على عمومه بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول.
وقد جمع قرنه جماعة من المنافقين المظهِرين للإيمان وأهلِ الكبائر الذين أقام عليهم أو على بعضهم الحدود، وقال لهم : ما تقولون في السارق والشارب والزاني.
وقال مُوَاجهةً لمن هو في قرنه :" لا تسبوا أصحابي " و" قال لخالد بن الوليد في عمّار :"لا تسب من هوخير منك" " وروى أبو أمَامة أن النبيّ ﷺ قال :" طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى سبع مرّات لمن لم يرني وآمن بي " وفي مسند أبي داود الطيالِسِيّ عن محمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال : كنت جالساً عند رسول الله ﷺ فقال :" "أتدرون أي الخلق أفضل إيماناً" قلنا الملائكة.
قال :"وحق لهم بل غيرهم" قلنا الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon