المس أصله باليد ثم يسمى كل ما يصل إلى الشيء ( ماساً ) على سبيل التشبيه فيقال : فلان مسّه التعب والنصب، قال تعالى :﴿وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ [ ق : ٣٨ ] وقال :﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِى البحر﴾ [ الإسراء : ٦٧ ]
قال صاحب "الكشاف" : المس ههنا بمعنى الإصابة، قال تعالى :﴿إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ﴾ [ التوبة : ٥٠ ] وقوله ﴿مَّا أصابك مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَا أصابك مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ [ النساء : ٧٩ ] وقال :﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾ [ المعارج : ٢٠، ٢١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٧﴾
وقال ابن عطية :
ذكر الله تعالى المس في الحسنة ليبين أن بأدنى طروء الحسنة تقع المساءة بنفوس هؤلاء المبغضين، ثم عادل ذلك في السيئة بلفظ الإصابة، وهي عبارة عن التمكن.
لأن الشيء المصيب لشيء هو متمكن منه، أو فيه.
فدل هذا النوع البليغ على شدة العداوة، إذ هو حقد لا يذهب عند نزول الشدائد، بل يفرحون بنزول الشدائد بالمؤمنين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٩٨﴾

فصل


قال الفخر :
المراد من الحسنة ههنا منفعة الدنيا على اختلاف أحوالها، فمنها صحة البدن وحصول الخصب والفوز بالغنيمة والاستيلاء على الأعداء وحصول المحبة والأُلفة بين الأحباب والمراد بالسيئة أضدادها، وهي المرض والفقر والهزيمة والانهزام من العدو وحصول التفرق بين الأقارب، والقتل والنهب والغارة، فبيّن تعالى أنهم يحزنون ويغتمون بحصول نوع من أنواع الحسنة للمسلمين ويفرحون بحصول نوع من أنواع السيئة لهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon