وقال ابن عادل :
وقرأ الباقون :﴿ يَضُرُّكُمْ ﴾ بضم الضاد، وتشديد الراء مرفوعة، وفي هذه القراءة أوجه :
الأول : أن الفعل مرتفع، وليس بجواب للشرط، وإنما هو دالٌّ على جواب الشرط، وذلك أنه على نية التقديم ؛ إذ التقدير : لا يضركم إن تصبروا وتتقوا، فلا يضركم، فحذف فلا يضركم الذي هو الجواب، لدلالة ما تقدم عليه، ثم أخر ما هو دليل على الجواب، وهذا تخريج سيبويه وأتباعه، إنما احتاجوا إلى ارتكاب ذلك، لما رأوا من عدم الجزم في فعل مضارع لا مانع من إعمال الجزم، ومثله قول الراجز :
يا أقْرَعُ بْنَ حَابسٍ يَا أقْرَعُ... إنَّكَ إنْ يُصْرَع أخُوكَ تُصْرَعُ
برفع " تصرع " الأخير-.
وكذلك قوله :[ البسيط ]
وَإنْ أتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْألَةٍ... يَقُولُ : لاَ غَائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرِمُ
برفع " يقول " - إلاَّ أن هذا النوع مطّرد، بخلاف ما قبله - أعني : كون فعل الشرط والجزاء مضارعين - فإن المنقول عن سيبويه، وأتباعه وجوب الجزم، إلا في ضرورة.
كقوله :[ الرجز ]
...................... إنَّك إنْ يُصْرَعْ أخُوكَ تُصْرَعُ
وتخريجه هذه الآية على ما تقدم عنه يدل على أن ذلك لا يُخَصُّ بالضرورة
الوجه الثاني : أن الفعل ارتفع لوقوعه بعد فاء مقدَّرة، وهي وما بعدها الجواب في الحقيقة، والفعل متى وقع بعد الفاء رُفِع ليس إلاَّ كقوله تعالى :﴿ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ ﴾ [ المائدة : ٩٥ ].
والتقدير : فلا يضركم، والفاء حذفت في غير محل النزاع.
كقوله :[ البسيط ]
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا... وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ مِثْلانِ


الصفحة التالية
Icon