اعلم أنه تعالى ذكر في هذه الآيات مرة أحوال الكافرين في كيفية العقاب، وأخرى أحوال المؤمنين في الثواب جامعاً بين الزجر والترغيب والوعد والوعيد، فلما وصف من آمن من الكفار بما تقدم من الصفات الحسنة أتبعه تعالى بوعيد الكفار، فقال :﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٦٨﴾
فصل
قال الفخر :
في قوله ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ﴾ قولان
الأول : المراد منه بعض الكفار ثم القائلون بهذا القول ذكروا وجوهاً
أحدها : قال ابن عباس : يريد قريظة والنضير، وذلك لأن مقصود رؤساء اليهود في معاندة الرسول ما كان إلا المال والدليل عليه قوله تعالى في سورة البقرة ﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي ثَمَنًا قَلِيلاً﴾ [ البقرة : ٤١ ]
وثانيها : أنها نزلت في مشركي قريش، فإن أبا جهل كان كثير الافتخار بماله ولهذا السبب نزل فيه قوله ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً ورئياً﴾ [ مريم : ٧٤ ] وقوله ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزبانية﴾ [ العلق : ١٧، ١٨ ]
وثالثها : أنها نزلت في أبي سفيان، فإنه أنفق مالاً كثيراً على المشركين يوم بدر وأحد في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم. (١)
(١) لا يخفى ما فى هذا الوجه من الفساد والبطلان فإن أبا سفيان قد أسلم وحسن إسلامه فصار من أهل السعادة وهذا يتنافى ما عجز الآية وهو قوله تعالى ﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ والأولى ـ والله أعلم ـ حمل الآية على من مات كافرا.