ولما كانوا كأنهم قالوا : فما نفعل ؟ قال مخاطباً للرأس المسموع الأمر المجاب الدعاء :﴿قل﴾ أي لهم ﴿موتوا بغيظكم﴾ أي ازدراء بهم ودعاء عليهم بدوام الغيظ من القهر وزيادته حتى يميتهم.
ولما كانوا يحلفون على نفي هذا ليرضوهم قال تعالى مؤكداً لما أخبر به لئلا يظن أنه أريد به غير الحقيقة :﴿إن الله﴾ أي الجامع لصفات الكامل ﴿عليم بذات الصدور﴾ أي فلا تظنوا أنه أراد بعض ما يتجوز بالغيظ عنه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٤١ ـ ١٤٢﴾
وقال ابن عاشور :
الآن إذ كشف الله دخائل مَنْ حولَ المسلمين من أهل الكتاب، أتمّ كشف، جاء موقع التحذير من فريق منهم، والتحذير من الاغترار بهم، والنهي عن الإلقاء إليهم بالمودة، وهؤلاء هم المنافقون، للإخبار عنهم بقوله :﴿ وإذا لقوكم قالوا آمنا ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ] الخ...
وأكثرهم من اليهود، دون الذين كانوا مشركين من الأوس والخزرج.
وهذا موقع الاستنتاج في صناعة الخطابة بعد ذكر التمهيدات والإقناعات.
وحقّه الاستئناف الابتدائي كما هنا. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٩٩﴾

فصل


قال الفخر :
اختلفوا في أن الذين نهى الله المؤمنين عن مخالطتهم من هم ؟ على أقوال :
الأول : أنهم هم اليهود وذلك لأن المسلمين كانوا يشاورونهم في أمورهم ويؤانسونهم لما كان بينهم من الرضاع والحلف ظناً منهم أنهم وإن خالفوهم في الدين فهم ينصحون لهم في أسباب المعاش فنهاهم الله تعالى بهذه الآية عنه، وحجة أصحاب هذا القول أن هذه الآيات من أولها إلى آخرها مخاطبة مع اليهود فتكون هذه الآية أيضاً كذلك


الصفحة التالية
Icon