وقال الطبرى :
قوله تعالى :﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾
يعني بذلك جل ثناؤه : قد بدت بغضاء هؤلاء الذين نهيتكم أيها المؤمنون، أن تتخذوهم بطانة من دونكم لكم "من أفواههم"، يعني بألسنتهم. والذي بدا لهم منهم بألسنتهم، إقامتهم على كفرهم، وعداوتهم من خالف ما هم عليه مقيمونَ من الضلالة. فذلك من أوكد الأسباب في معاداتهم أهل الإيمان، لأن ذلك عداوة على الدين، والعداوة على الدين العداوة التي لا زوال لها إلا بانتقال أحد المتعاديين إلى ملة الآخر منهما، وذلك انتقال من هدى إلا ضلالة كانت عند المنتقل إليها ضلالة قبل ذلك. فكان في إبدائهم ذلك للمؤمنين، ومقامهم عليه، أبينُ الدلالة لأهل الإيمان على ما هم عليه من البغضاء والعداوة.
وقد قال بعضهم : معنى قوله :"قد بدت البغضاء من أفواههم"، قد بدت بغضاؤهم لأهل الإيمان، إلى أوليائهم من المنافقين وأهل الكفر، بإطلاع بعضهم بعضًا على ذلك. وزعم قائلو هذه المقالة أنّ الذين عنوا بهذه الآية أهل النفاق، دون من كان مصرحًا بالكفر من اليهود وأهل الشرك. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٧ صـ ١٤٥﴾

فصل


قال الفخر :
قوله ﴿قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم﴾ إن حملناه على المنافقين ففي تفسيره وجهان
الأول : أنه لا بد في المنافق من أن يجري في كلامه ما يدل على نفاقه ومفارقتة لطريق المخالصة في الود والنصيحة، ونظيره قوله تعالى :﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ القول﴾ [ محمد : ٣٠ ]


الصفحة التالية
Icon