فصل


قال القرطبى :
نزول الملائكةِ سبب من أسباب النصر لا يحتاج إليه الرب تعالى، وإنما يحتاج إليه المخلوق فلْيَعْلَق القلب بالله ولْيَثِق به، فهو الناصر بسبب وبغير سبب ؛ ﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [ يس : ٨٢ ].
لكن أخبر بذلك ليمتثل الخلقُ ما أمرهم به من الأسباب التي قد خلت من قبل، ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً ﴾ [ الفتح : ٢٣ ]، ولا يَقْدَح ذلك في التوَكُّل.
وهو ردّ على من قال : إن الأسباب إنما سُنّت في حق الضعفاء لا للأقوياء ؛ فإنّ النبيّ ﷺ وأصحابه كانوا الأقوياء وغيرهم هم الضعفاء ؛ وهذا واضِحٌ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٩٥﴾

فصل


قال الفخر :
أجمع أهل التفسير والسير أن الله تعالى أنزل الملائكة يوم بدر وأنهم قاتلوا الكفار، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم تقاتل الملائكة سوى يوم بدر وفيما سواه كانوا عدداً ومدداً لا يقاتلون ولا يضربون، وهذا قول الأكثرين، وأما أبو بكر الأصم، فإنه أنكر ذلك أشد الإنكار، واحتج عليه بوجوه :
الحجة الأولى : إن الملك الواحد يكفي في إهلاك الأرض، ومن المشهور أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت المدائن الأربع لقوم لوط وبلغ جناحه إلى الأرض السابعة، ثم رفعها إلى السماء وقلب عاليها سافلها، فإذا حضر هو يوم بدر، فأي حاجة إلى مقاتلة الناس مع الكفار ؟ ثم بتقدير حضوره، فأي فائدة في إرسال سائر الملائكة ؟.
الحجة الثانية : أن أكابر الكفار كانوا مشهورين وكل واحد منهم مقابله من الصحابة معلوم وإذا كان كذلك امتنع إسناد قتله إلى الملائكة.


الصفحة التالية
Icon