الكناية في قوله ﴿وَمَا جَعَلَهُ الله﴾ عائدة على المصدر، كأنه قال : وما جعل الله المدد والإمداد إلا بشرى لكم بأنكم تنصرون فدل ﴿يُمْدِدْكُمْ﴾ على الإمداد فكنى عنه، كما قال :﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ] معناه : وإن أكله لفسق فدل ﴿تَأْكُلُواْ﴾ على الأكل فكنى عنه وقال الزجاج ﴿وَمَا جَعَلَهُ الله﴾ أي ذكر المدد ﴿إِلاَّ بشرى﴾ والبشرى اسم من الإبشار ومضى الكلام في معنى التبشير في سورة البقرة في قوله ﴿وَبَشّرِ الذين ءَامَنُواْ﴾ [ البقرة : ٢٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٨٨﴾
قوله تعالى ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾
سؤال : قوله ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ﴾ فعل وقوله ﴿إِلاَّ بشرى﴾ اسم وعطف الفعل على الاسم مستنكر، فكان الواجب أن يقال إلا بشرى لكم واطمئناناً، أو يقال إلا ليبشركم ولتطمئن قلوبكم به فلم ترك ذلك وعدل عنه إلى عطف الفعل على الاسم.
والجواب عنه من وجهين
الأول : في ذكر الإمداد مطلوبان، وأحدهما أقوى في المطلوبية من الآخر، فأحدهما إدخال السرور في قلوبهم، وهو المراد بقوله ﴿إِلاَّ بشرى﴾
والثاني : حصول الطمأنينة على أن إعانة الله ونصرته معهم فلا يجبنوا عن المحاربة، وهذا هو المقصود الأصلي ففرق بين هاتين العبارتين تنبيهاً على حصول التفاوت بين هذين الأمرين في المطلوبية فكونه بشرى مطلوب ولكن المطلوب الأقوى حصول الطمأنينة، فلهذا أدخل حرف التعليل على فعل الطمأنينة، فقال :﴿وَلِتَطْمَئِنَّ﴾ ونظيره قوله ﴿والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [ النحل : ٨ ] ولما كان المقصود الأصلي هو الركوب أدخل حرف التعليل عليها، فكذا ههنا الثاني ؛