من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَمَا جَعَلَهُ الله ﴾ أي الإمداد المفهوم من الفعل المقدر المدلول عليه بقوة الكلام كأنه قيل : فأمدكم الله تعالى بما ذكر وما جعل الله تعالى ذلك الإمداد ﴿ إِلاَّ بشرى لَكُمْ ﴾ وقيل : الضمير للوعد بالإمداد، وقيل : للتسويم أو للتنزيل أو للنصر المفهوم من نصركم السابق ومتعلق البشارة غيره، وقيل : للإمداد المدلول عليه بأحد الفعلين، والكل ليس بشيء كما لا يخفى، والبشرى إما مفعول له، و( جعل ) متعدية لواحد أو مفعول لها إن جعلت متعدية لاثنين، وعلى الأول : الاستثناء مفرغ من أعم العلل أي وما جعل إمدادكم بإنزال الملائكة لشيء من الأشياء إلا للبشارة لكم بأنكم تنصرون، وعلى الثاني : مفرغ من أعم المفاعيل أي وما جعله الله تعالى شيئاً من الأشياء إلا بشرى لكم. والجملة ابتداء كلام غير داخل في حيز القول بل مسوق من جنابه تعالى لبيان أن الأسباب الظاهرة بمعزل عن التأثير بدون إذنه سبحانه وتعالى، فإن حقيقة النصر مختص به عز اسمه ليثق به المؤمنون ولا يقنطوا منه عند فقدان أسبابه وأماراته وهي معطوفة على فعل مقدر كما أشرنا إليه، ووجه الخطاب نحو المؤمنين تشريفاً لهم وإيذاناً بأنهم هم المحتاجون لما ذكر، وأما رسوله ﷺ فغني عنه بما منّ به عليه من التأييد الروحاني والعلم الرباني.


الصفحة التالية
Icon