والمقصود من القصة أن الكفار كانوا ثلاثة آلاف والمسلمون كانوا ألفاً وأقل، ثم رجع عبد الله بن أُبي مع ثلثمائة من أصحابه فبقي الرسول ﷺ مع سبعمائة، فأعانهم الله حتى هزموا الكفار، ثم لما خالفوا أمر الرسول واشتغلوا بطلب الغنائم انقلب الأمر عليهم وانهزموا ووقع ما وقع، وكل ذلك يؤكد قوله تعالى :﴿وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾ [ آل عمران : ١٢٠ ] وأن المقبل من أعانه الله، والمدبر من خذله الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٩ ـ ١٨٠﴾

فصل


قال الفخر :
يقال : بوأته منزلاً وبوأت له منزلاً أي أنزلته فيه، والمباءة والباءة المنزل وقوله ﴿مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ أي مواطن ومواضع، وقد اتسعوا في استعمال المقعد والمقام بمعنى المكان، ومنه قوله تعالى :﴿فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [ القمر : ٥٥ ] وقال :﴿قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ [ النمل : ٣٩ ] أي من مجلسك وموضع حكمك وإنما عبر عن الأمكنة ههنا بالمقاعد لوجهين
الأول : وهو أنه عليه السلام أمرهم أن يثبتوا في مقاعدهم لا ينتقلوا عنها، والقاعد في مكان لا ينتقل عنه فسمى تلك الأمكنة بالمقاعد، تنبيهاً على أنهم مأمورون بأن يثبتوا فيها ولا ينتقلوا عنها ألبتة
والثاني : أن المقاتلين قد يقعدون في الأمكنة المعينة إلى أن يلاقيهم العدو فيقوموا عند الحاجة إلى المحاربة فسميت تلك الأمكنة بالمقاعد لهذا الوجه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٨٠﴾


الصفحة التالية
Icon