ولكن أهل الأهواء والبدع يتصامون ويتعامون عن آيات الله تعالى، فيخبطون خبط عشواء، ويطيبون أنفسهم بما يفترون.
عن ابن عباس من قولهم : يهب الذنب الكبير لمن يشاء، ويعذب من يشاء على الذنب الصغير.
انتهى كلامه.
وهو مذهب المعتزلة.
وذلك أن من مات مصراً على كبيرة لا يغفر الله له.
وما ذكره عن الحسن لا يصح ألبتّة.
ومذهب أهل السنة ؛ أنّ الله تعالى يغفر لمن يشاء وإنْ مات مصرًّا على كبيرة غير تائب منها. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٥٧﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن أصحابنا يحتجون بهذه الآية على أنه سبحانه له أن يدخل الجنة بحكم إلهيته جميع الكفار والمردة، وله أن يدخل النار بحكم إلهيته جميع المقربين والصدّيقين وأنه لا اعتراض عليه في فعل هذه الأشياء ودلالة الآية على هذا المعنى ظاهرة والبرهان العقلي يؤكد ذلك أيضاً، وذلك أن فعل العبد يتوقف على الإرادة وتلك الإرادة مخلوقة لله تعالى، فإذا خلق الله تلك الإرادة أطاع، وإذا خلق النوع الآخر من الإرادة عصى، فطاعة العبد من الله ومعصيته أيضاً من الله، وفعل الله لا يوجب على الله شيئاً ألبتة، فلا الطاعة توجب الثواب، ولا المعصية توجب العقاب، بل الكل من الله بحكم إلهيته وقهره وقدرته، فصح ما ادعيناه أنه لو شاء يعذب جميع المقربين حسن منه، ولو شاء يرحم جميع الفراعنة حسن منه ذلك، وهذا البرهان هو الذي دل عليه ظاهر قوله تعالى :﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٩٢ ـ ١٩٣﴾


الصفحة التالية
Icon