فَلَمَّا أَصْبَحَ يَوْمُ السَّبْتِ تَعَبَّى لِلْقِتَالِ وَهُوَ فِي سَبْعِمِائَةٍ فِيهِمْ خَمْسُونَ فَارِسًا، وَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ ; أَيْ لَبِسَ دِرْعًا فَوْقَ دِرْعٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الرُّمَاةِ - وَكَانُوا خَمْسِينَ - عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ مُعَلَّمٌ يَوْمَئِذَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَقَالَ :" انْضَحِ الْخَيْلَ عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا فَاثْبُتْ مَكَانَكَ لَا نُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكَ " وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَجَعَلَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَعَلَى الْأُخْرَى الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو.
ثُمَّ اسْتَعْرَضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّبَّانَ يَوْمَئِذٍ، فَرَدَّ مَنِ اسْتَصْغَرَهُ عَنِ الْقِتَالِ وَهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَأَجَازَ أَفْرَادًا مِنْ أَبْنَاءِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، قِيلَ : لِسِنِّهِمْ، وَقِيلَ : لَبِنْيَتِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ ; فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ رَدَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَلَهُمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ رَافِعًا رَامٍ فَأَجَازَهُ، فَقِيلَ لَهُ فَإِنَّ سَمُرَةَ يَصْرَعُ رَافِعًا فَأَجَازَهُ، وَرُوِيَ أَنَّهُمَا تَصَارَعَا أَمَامَهُ. وَرَدَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَأُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ثُمَّ أَجَازَهُمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُمْ أَبْنَاءُ خَمْسَ عَشْرَةَ، إِذْ كَانُوا يُطِيقُونَ الْقِتَالَ فِي هَذِهِ السِّنِّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ.