وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَدَرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ صَيْفِيٍّ وَكَانَ رَأْسَ الْأَوْسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ شَرِقَ بِهِ وَجَاهَرَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَدَاوَةِ وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ يُؤَلِّبُ قُرَيْشًا عَلَى قِتَالِهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ قَوْمَهُ إِذَا رَأَوْهُ أَطَاعُوهُ وَمَالُوا مَعَهُ، وَكَانَ يُسَمَّى الرَّاهِبَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَاسِقِ. وَلَمَّا بَرَزَ نَادَى قَوْمَهُ وَتَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ، قَالُوا لَهُ : لَا أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ. فَقَالَ : لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ، وَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَدْ كَانَ الظَّفَرُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْمُبَارَزَةِ ثُمَّ فِي الْمُلَاحَمَةِ، وَأَبْلَى يَوْمَئِذٍ
أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفَهُ، وَحَمْزَةُ أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَغَيْرُهُمْ بَلَاءً عَظِيمًا حَتَّى انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. وَرُوِيَ أَنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ ٣١ مُشْرِكًا.