قَالُوا : وَصَرَخَ صَارِخٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. قَالَ الزُّبَيْرُ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ وَصْفِهِ لِهَزِيمَةِ الْمُشْرِكِينَ : وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ خَدَمَ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ وَصَوَاحِبَهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونُ أَخْذِهِنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إِذْ مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفَنَا الْقَوْمُ عَنْهُ وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ فَأُتِينَا مِنْ خَلْفِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ :" أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ " فَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَانْهَزَمُوا وَكُسِرَتْ قُلُوبُهُمْ، وَمَرَّ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ عُمَرُ وَطَلْحَةُ قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ : مَا تَنْظُرُونَ ؟ فَقَالُوا : قُتِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : مَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ ؟ قُومُوا
فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ وَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ : يَا سَعْدُ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ مِنْ دُونِ أُحِدٍ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَوُجِدَ بِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، وَجُرِحَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَحْوَ عِشْرِينَ جِرَاحَةً.


الصفحة التالية
Icon