وقول زيد :"إن أوّل غزاة غزاها ذات العسيرة" مخالف أيضاً لما قال أهل التواريخ والسير.
قال محمد بن سعد : كان قبل غزوة العشيرة ثلاث غزوات، يعني غزاها بنفسه.
وقال ابن عبد البر في كتاب الدرر في المغازي والسير.
أوّل غزاةٍ غزاها رسول الله ﷺ غزوة وَدّان غزاها بنفسه في صَفَر ؛ وذلك أنه وصل إلى المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل، أقام بها بقيةَ ربيع الأوّل، وباقي العام كله إلى صفر من سنة اثنتين من الهجرة : ثم خرج في صفر المذكور واستعمل على المدينة سعد بن عبادة حتى بلغ وَدّان فوادع بني ضَمْرة، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حَرْباً، وهي المسماة بغزوة الأبْوَاء.
ثم أقام بالمدينة إلى ( شهر ) ربيع الآخر من السنة المذكورة، ثم خرج فيها واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون حتى بلغ بَوَاط من ناحية رَضْوَى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حرباً، ثم أقام بها بقية ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى، ثم خرج غازياً واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وأخذ على طريق مِلْكٍ إلى العُسَيرْة.
قلت : ذكر ابن إسحاق " عن عمّار بن ياسر قال : كنت أنا وعليّ بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن يَنْبُع فلما نزلها رسول الله ﷺ أقام بها شهراً فصالح بها بني مُدْلِج وحلفاءَهم من بني ضَمْرة فوادعهم، فقال لي علي بن أبي طالب : هل لك أبا اليقظان أن تأتي هؤلاء ؟ نفر من بني مُدْلِج يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون.