﴿ويأتوكم﴾ أي الكفار ﴿من فورهم﴾ أي وقتهم، استعير للسرعة التي لا تردد فيها، من : فارت القدر - إذا غلت ﴿هذا﴾ أي في هذه الكرة ﴿يمددكم﴾ أي إمداداً جلياً - بما أشار إليه إشارة لفظية : الفك، وإشارة معنوية : التسويم ﴿ربكم﴾ أي المحسن إليكم بأكثر من ذلك ﴿بخمسة آلاف من الملائكة﴾ ثم بين أنهم من أعيان الملائكة بقوله :﴿مسومين﴾ أي معلمين بما يعرف به مقامهم في الحرب، والظاهر من التعبير بالتسويم إفهام القتال، ومن الاقتصار على الإنزال عدمه، ويكون فائدة نزولهم البركة بهم وإرهاب الكفار بمن يرونه منهم.
قال البغوي : قال ابن عباس ومجاهد : لم يقاتل الملائكة في المعركة إلا يوم بدر، وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون، إنما يكونون عدداً ومدداً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٤٩﴾

فصل نفيس


قال الفخر :
اختلف المفسرون في أن هذا الوعد حصل يوم بدر، أو يوم أُحد ويتفرع على هذين القولين بيان العامل في ﴿إِذْ﴾ فإن قلنا هذا الوعد حصل يوم بدر كان العامل في ﴿إِذْ﴾ قوله ﴿نَصَرَكُمُ الله﴾ [ آل عمران : ١٢٣ ] والتقدير : إذ نصركم الله ببدر وأنتم أذلة تقول للمؤمنين، وإن قلنا إنه حصل يوم أحد، كان ذلك بدلاً ثانياً من قوله ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ ﴾.
إذا عرفت هذا فنقول :
القول الأول : أنه يوم أحد، وهو مروي عن ابن عباس والكلبي والواقدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق، والحجة عليه من وجوه :
الحجة الأولى : أن يوم بدر إنما أمد رسول الله ﷺ بألف من الملائكة قال تعالى في سورة الأنفال :﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ إِنّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ الملائكة﴾ [ الأنفال : ٩ ] فكيف يليق ما ذكر فيه ثلاثة آلاف وخمسة آلاف بيوم بدر ؟.


الصفحة التالية
Icon