فصل
قال الفخر :
ليس المراد بقوله ﴿فَسِيرُواْ فِى الأرض فانظروا﴾ الأمر بذلك لا محالة، بل المقصود تعرف أحوالهم، فإن حصلت هذه المعرفة بغير المسير في الأرض كان المقصود حاصلا، ولا يمتنع أن يقال أيضا : إن لمشاهدة آثار المتقدمين أثراً أقوى من أثر السماع كما قال الشاعر :
إن آثارنا تدل علينا.. فانظروا بعدنا إلى الآثار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١١﴾
وقال الآلوسى :
﴿ كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين ﴾ أي آخر أمرهم الذي أدى إليه تكذيبهم لأنبيائهم، والفاء للإيذان بسببية الخلو للسير والنظر أو الأمر بهما، وقيل : المعنى على الشرط أي إن شككتم فسيروا الخ، والخطاب على كل تقدير مساق للمؤمنين، وقال النقاش : للكفار وفيه بعد و﴿ كَيْفَ ﴾ خبر مقدم لكان معلق لفعل النظر، والجملة في محل النصب بعد نزع الخافض لأن الأصل استعماله بالجار وتجريد الفعل عن تاء التأنيث لأن المرفوع مجازي التأنيث. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٦٥﴾
فصل
قال ابن عاشور :
وفي الآية دلالة على أهميِّة علم التَّاريخ لأنّ فيه فائدة السير في الأرض، وهي معرفة أخبار الأوائل، وأسباب صلاح الأمم وفسادها.
قال ابن عرفة :"السير في الأرض حسّي ومعنوي، والمعنوي هو النظر في كتب التَّاريخ بحيث يحصل للنَّاظر العلم بأحوال الأمم، وما يقرب من العلم، وقد يحصل به من العلم ما لا يحصل بالسير في الأرض لِعجز الإنسان وقصوره".
وإنَّما أمر الله بالسير في الأرض دون مطالعة الكتب لأنّ في المخاطبين مَن كانوا أمِّيين، ولأنّ المشاهدة تفيد من لم يقرأ علماً وتقوّي عِلْم من قرأ التَّاريخ أو قصّ عليه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٢٧﴾