والمراد بيان لجميع الناس لكن المنتفع به المتقون لأنهم يهتدون به وينتجعون بوعظه وليس بالبعيد وجوز بعضهم أن يراد من المتقين الصائرون إلى التقوى فيبقى الهدى والموعظة بلا زيادة، وإن يراد بهم ما يعمهم وغيرهم من المتقين بالفعل فيحتاج الهدى وما عطف عليه إلى اعتبار ما يعم الابتداء والزيادة فيه، ولا يخفى ما في الثاني من زيادة البعد لارتكاب خلاف الظاهر في موضعين وأما الأول : ففيه بعد من جهة الارتكاب في موضع واحد وهو وإن شارك ما قلناه من هذه الحيثية إلا أن ما ارتكبناه يهدي إليه في الجملة التنوين الذي في الكلمة ولا كذلك ما ارتكبوه بل اعتبار الكمال المشعر به الإطلاق ربما يأباه ولعله لمجموع الأمرين هان أمر نزع الخف. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٦٥ ـ ٦٦﴾
وقال ابن عاشور :
الإشارة إمَّا إلى ما تقدّم بتأويل المذكور، وإمَّا إلى حاضر في الذهن عند تلاوة الآية وهو القُرآن.
والبيانُ : الإيضاح وكشف الحقائق الواقعة.
والهدى : الإرشاد إلى ما فيه خير النَّاس في الحال والاستقبال.
والموعظة : التحذير والتخويف.
فإن جعلت الإشارة إلى مضمون قوله :﴿ قد خلت من قبلكم سنن ﴾ [ آل عمران : ١٣٧ ] الآية فإنَّها بيان لما غفلوا عنه من عدم التَّلازم بين النَّصر وحسن العاقبة، ولا بين الهزيمة وسوء العاقبة، وهي هدى لهم لينتزعوا المسببات من أسبابها، فإن سبب النجاح حقاً هو الصلاح والاستقامة، وهي موعظة لهم ليحذروا الفساد ولا يغترّوا كما اغترّت عاد إذ قالوا :"مَنْ أشَدّ مِنَّا قوّة". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٢٧﴾