" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ يجوز أن يتعلق بـ " خَلَتْ "، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من ﴿ سُنَنٌ ﴾ ؛ لأنه - في الأصل - يجوز أن يكون وَصْفاً، فلما قُدِّمَ نُصبَ حالاً.
والسُّنَن : جمع سُنَّة، وهي الطريقة التي يكون عليها الإنسان ويلازمها، ومنه سُنَّة الأنبياء.
قال خالد الهُذَلِي لخاله أبي ذُؤيب :[ الطويل ]
فَلاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةِ أنْتَ سِرْتَهَا... فَأوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا
وقال آخر :[ الطويل ]
وَإنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ... تَأسَّوْا، فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّآسِيَا
وقال لبيد :[ الكامل ]
مِنْ أمَّةٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ... وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وَإمامُهَا
وقال المفضَّل : السُّنَّة : الأمة، وأنشد :[ البسيط ]
مَا عَايَنَ النَّاسُ مِنْ فَضْلٍ كَفَضْلِكُمُ... وَلاَ رَأوْا مِثْلَكم فِي سَالِفِ السُّنَنِ
ولا دليل فيه ؛ لاحتمال أن يكون معناه : أهل السنن.
وقال الخليل : سَنَّ الشيء بمعنى : صوره، ومنه :﴿ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ [ الحجر : ٢٨ ] أي : مُصَوَّر وقيل : سن الماء والدرع إذا صبهما، وقوله :﴿ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ يجوز أن يكون منه، ولكن نسبة الصب إلى الطين بعيدة.
وقيل : مسنون، أي : متغير.
وقال بعض أهل اللغة : هي فُعْلة من سَنَّ الماء، يسنه، إذا والى صَبَّه، والسَّنُّ : صَبُّ الماء والعرق نحوهما.
وأنشد لزهير :[ الوافر ]
نُعَوِّدُهَا الطراد كُلَّ يَوْمٍ... تُسَنُّ عَلَى سَنَابِكِهَا الْقُرُونُ
أي : يُصب عليها من العرق، شبَّه الطريقة بالماء المصبوب، فإنه يتوالى جرْيُ الماء فيه على نَهْج واحد، فالسُّنَّة بمعنى : مفعول، كالغُرْفَةِ.
وقيل : اشتقاقها من سننت النَّصْل، أسنّه، سنًّا، إذا حددته [ على المِسَن ]، والمعنى : أن الطريقةَ الحسنةَ، يُعْتَنَى بها، كما يُعْتَنَى بالنَّصْل ونحوه.


الصفحة التالية
Icon