ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾
والمقصود بقوله :﴿ وَلاَ تَهِنُوا ﴾ أي لا تضعفوا، وهي أمر خاص بالمسألة البدنية ؛ لأن الجراحات أنهكت الكثيرين في موقعة أُحُد لدرجة أن بعضهم أقعد، ولدرجة أن النبي ﷺ لم يقدر أن يصعد الجبل، وحمله طلحة بن عبيد الله على ظهره ليقوم، لذلك قال الحق :﴿ وَلاَ تَهِنُوا ﴾، لأنك عندما تستحضر أنك مؤمن وأن الله لن يخلي بينك وبين جنود الباطل لأنك نصير للحق، والحق من الله وهو الحق لا يسلم نبيه وقومه لأعدائهم فيوم تأتي لك هذه المعاني إياك أن تضعف. والضعف هو نقصان قوة البدن.
﴿ وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾ والحزن مواجيد قلبية، وهم قد حزنوا فقد مات منهم كثير. مات منهم خمسة وسبعون شهيداً، خمسة من المهاجرين، وسبعون من الأنصار، وهذه عملية صعبة وشاقة، وقد حزن رسول الله ﷺ على الشهداء، وغضب لمقتل حمزة - رضي الله عنه - وقال :" لن أُصاب بمثلك أبداً! وما وقفت موقفا قط أغيظ إلىّ من هذا " ثم قال :" لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم مكانك ".
فقال الحق :﴿ وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾ ؛ لماذا ؟ لأنك يجب أن تقارن الحدث بالغاية من الحدث.
صحيح أن القتل صعب وإزهاق للنفس، ولكن انظر إلى أين ذهب. وانظر ماذا خلف من بعده. أما هو فقد ذهب إلى حياة عند ربه وهي ليست كالحياة عندكم. إن الحياة عندنا لها مقاييس، والحياة عند ربنا لها مقاييس، فهل مقاييسنا أعلى من مقاييسه ؟ لا، حاشا لله.


الصفحة التالية
Icon