والظاهر أن المراد بالكافرين هنا طائفة مخصوصة، وهم الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لأنه تعالى لم يمحق كل كافر، بل كثير منهم باق على كفره.
فلفظة الكافرين عام أريد به الخصوص.
قيل : وقابل تمحيص المؤمن بمحق الكافر، لأن التمحيص إهلاك الذنوب، والمحق إهلاك النفوس، وهي مقابلة لطيفة في المعنى انتهى.
وفي ذكر ما يلحق المؤمن عند إدالة الكفار تسلية لهم وتبشير بهذه الفوائد الجليلة، وأن تلك الإدالة لم تكن لهوانٍ بهم، ولا تحط من أقدارهم، بل لما ذكر تعالى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٦٩﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وَلِيُمَحِّصَ الله الذين آمَنُواْ ﴾ التمحيص : التخليص من الشيء.
وقيل : المَحْص كالفَحْص، لكن الفَحْص يقال في إبراز الشيء من أثناء ما يختلط به وهو منفصل، والمَحْص : يقال في إبرازه عما هو متصل به، يقال : مَحَصْتُ الذهب، ومحَّصته - إذا أزلْت عنه ما يشوبه من خَبَث، ومَحَص الثوب : إذا زال عنه زئبره ومَحَصَ الحَبْل - إذا أخلق حتى ذهب عنه زئبره، ومحص الظَّبْيُ : عدا. ف " محص " - بالتخفيف - يكون قاصراً ومتعدياً، هكذا روى الزجاج هذه اللفظةَ - الحبل - ورواها النقاش : مَحَص الجمل - إذا ذهب وَبَرُه وامَّلَسَ - والمعنيان واضحان.
وقال الخليل : التمحيص : التخليصُ من الشيء المعيب.
وقيل : هو الابتلاء والاختبار.
قال الشاعر :[ الطويل ]
رَأيْتُ فُضَيْلاً كَانَ شَيْئاً مُلَفَّفاً... فَكَشَّفَهُ التَّمْحِيصُ حَتَّى بَدَا لِيَا
وروى الواحِديُّ عن المبرد بسند متصل : مَحَصَ الحبلُ يمحص مَحْصاً - إذا ذهب زئبره حتى يتملص، وحبل محيص ومليص بمعنًى واحدٍ، قال : ويستحب في الفرس أن تُمَحَّصَ قوائمُه أي : تُخَلَّص من الرَّهَل.


الصفحة التالية
Icon