﴿ وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ﴾ فيه أن رجاء الرحمة موقوف على طاعة الله وطاعة الرسول فلهذا يتمسك به أصحاب الوعيد في أن من عصى الله ورسوله في شيء من الأشياء فهو ليس أهلاً للرحمة. وغيرهم يحمل الآية على الزجر والتخويف ﴿ وسارعوا ﴾ معطوف على ما قبله. ومن قرأ بغير الواو فلأنه جعل قوله :﴿ سارعوا ﴾ وقوله :﴿ أطيعوا الله ﴾ كالشيء الواحد لأنهما متلازمان. وتمسك كثير من الأصوليين به في أن ظاهر الأمر يوجب الفور قالوا : في الكلام محذوف والتقدير : سارعوا إلى ما يوجب مغفرة من ربكم. ونكر المغفرة ليفيد المغفرة العظيمة المتناهية في العظم وليس ذلك إلا المغفرة الحاصلة بسبب الإسلام والإتيان بجميع الطاعات والاجتناب عن كل المنهيات وهذا قول عكرمة. وعن علي بن أبي طالب : هو أداء الفرائض. وعن عثمان بن عفان أنه الإخلاص لأنه المقصود من جميع العبادات. وعن أبي العالية أنه الهجرة. وقال الضحاك ومحمد بن إسحق : إنه لاجهاد لأنه من تمام قصة أحد. وقال الأصم : بادروا إلى التوبة من الربا لأنه ورد عقيب النهي عن الربا. ثم عطف عليه المسارعة إلى الجنة لأن الغفران ظاهره إزالة العقاب. والجنة معناها حصول الثواب، ولا بد للمكلف من تحصيل الأمرين. ثم وصف الجنة بأن عرضها السموات، ومن البيّن أن نفس السموات لا تكون عرضاً للجنة، فالمراد كعرض السموات لقوله في موضع آخر ﴿ عرضها كعرض السماء ﴾ [ الحديد : ٢١ ] والمراد المبالغة في وصف سعة الجنة فشبهت بأوسع ما علمه الناس من خلقه وأبسطه ونظيره ﴿ خالدين يفها ما دامت السموات والأرض ﴾ [ هود : ١٠٧ ] لأنها أطول الاشياء بقاء عندنا. وقيل : المراد أنه لو جعلت السموات والأرضون طبقاً طبقاً بحيث يكون كل واحد من تلك الطبقات سطحاً مؤلفاً من أجزاء لا تتجزأ، ثم وصل البعض بالبعض طبقاً واحداً لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهذه غاية من السعة لا يعلمها إلا الله تعالى. وقيل : إن الجنة


الصفحة التالية
Icon