وقال الآلوسى :
﴿ والله يُحِبُّ المحسنين ﴾ تذييل لمضمون ما قبله "وأل" إما للجنس والمذكورون داخلون فيه دخولاً أولياً وإما للعهد عبر عنهم بالمحسنين على ما قيل : إيذاناً بأن النعوت المعدودة من باب الإحسان الذي هو الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره النبي ﷺ بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ويمكن أن يقال : الإحسان هنا بمعنى الإنعام على الغير على وجه عار عن وجوه القبح، وعبر عنهم بذلك للإشارة إلى أنهم في جميع تلك النعوت محسنون إلى الغير لا في الانفاق فقط.
ومما يؤيد كون الإحسان هنا بمعنى الإنعام ما أخرجه البيهقي أن جارية لعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة فسقط الإبريق من يدها فشجه فرفع رأسه إليها فقالت : إن الله تعالى يقول :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ فقال لها : قد كظمت غيظي قالت :﴿ والعافين عَنِ الناس ﴾ قال : قد عفا الله تعالى عنك قالت :﴿ والله يُحِبُّ المحسنين ﴾ قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله تعالى، ورجح بعضهم العهد على الجنس بأنه أدخل في المدح وأنسب بذكره قبل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٥٩﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ الذين يُنفِقُونَ ﴾ يجوز في محله الألقاب الثلاثة، فالجر على النعت، أو البدل، أو البيان، والنصب والرفع على القطع المشعر بالمدح، ولما أخبر بأن الجنة مُعَدَّة للمتقين وصفهم بصفات ثلاث، حتى يُقْتَدَى بهم في تلك الصفات.
قوله :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ يجوز فيه الجر والنَّصب على ما تقدم قبله.
والكَظْم : الحبس، يقال : كظم غيظه، أي : حبسه، وكَظَم القربة والسقاء كذلك، والكظم - في الأصل - مخرج النفَس، يقال : أخذ بكظمه، أي : أخذ بمجرى نفسه.