ولما كان سبحانه وتعالى قد تفضل برفع القلم عن الغافل قال :﴿ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون﴾ أي إنهم على ذنب. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٥٨﴾
وقال الفخر :
اعلم أن وجه النظم من وجهين :
الأول : أنه تعالى لما وصف الجنة بأنها معدة للمتقين بين أن المتقين قسمان :
أحدهما : الذين أقبلوا على الطاعات والعبادات، وهم الذين وصفهم الله بالانفاق في السراء والضراء، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس.
وثانيهما : الذين أذنبوا ثم تابوا وهو المراد بقوله :﴿والذين إِذَا فَعَلُواْ فاحشة﴾ وبين تعالى أن هذه الفرقة كالفرقة الأولى في كونها متقية، وذلك لأن المذنب إذا تاب عن الذنب صار حاله كحال من لم يذنب قط في استحقاق المنزلة والكرامة عند الله.
والوجه الثاني : أنه تعالى ندب في الآية الأولى إلى الإحسان إلى الغير، وندب في هذه الآية إلى الإحسان إلى النفس، فان المذنب العاصي إذا تاب كانت تلك التوبة إحساناً منه إلى نفسه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨ ـ ٩﴾
فصل فى سبب نزول الآية
قال الفخر :
روى ابن عباس : أن هذه الآية نزلت في رجلين، أنصاري وثقفي، والرسول ﷺ كان قد آخى بينهما، وكانا لا يفترقان في أحوالهما، فخرج الثقفي مع الرسول ﷺ بالقرعة في السفر، وخلف الأنصاري على أهله ليتعاهدهم، فكان يفعل ذلك.
ثم قام إلى امرأته ليقبلها فوضعت كفها على وجهها، فندم الرجل، فلما وافى الثقفي مع الرسول ﷺ لم ير الأنصاري، وكان قد هام في الجبال للتوبة، فلما عرف الرسول ﷺ سكت حتى نزلت هذه الآية.