قال : نعم، سمعته يقول : قال رسول الله ﷺ :" مَا أصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبِعِين مَرَّةً ". وقيل : الإصرار : المداومة على الشيء، وتَرْك الإقلاع عنه، وتأكيد العزم على ألا يتركه، من قولهم : صر الدنانير، إذا ربط عليها، ومنه : صُرَّة الدراهم - لما يربط منها-.
قال الحُطََيْئة : يصف خيلاً :[ الطويل ]
عَوَابِسُ بِالشُّعْثِ الْكُمَاةِ إذَا ابْتَغَوْا... عُلاَلَتَها بِالْخُحْصَدَاتِ أصَرَّتِ
أي : ثبتت، وأقامت، مداغومة على ما حملت عليه.
وقال الشاعر :[ البسيط ]
يُصِرُّ بِاللَّيْلِ مَا تُخْفِي شَوِاكِلُهُ... يَا وَيْحَ كُلِّ مُصِرِّ القَلْبِ خَتَّارِ
و" ما " في قوله :﴿ على مَا فَعَلُواْ ﴾ يجوز أن تكون اسمية بمعنى : الذي، ويجوز أن تكون مصدرية.
قوله :﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ يجوز أن يكون حالاً ثانية من فاعل ﴿ فاستغفروا ﴾، وأن يكون حالاً من فاعل ﴿ يُصِرُّوا ﴾، والتقدير : ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا من الذنوب بحال ما كانوا عالمين بكونها محرمة ؛ لأنه قد يُعْذَر مَنْ لا يعلم حرمة الفعل، أما العالم بالحرمة، فإنه لا يعذر.
ومفعول ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ محذوف للعلم به.
فقيل : تقديره : يعلمون أن الله يتوب على مَنْ تاب، قاله مجاهد.
وقيل : يعلمون أن تَرْكه أوْلَى، قاله ابنُ عباس والحسن.
وقيل : يعلمون المؤاخذة بها، أو عفو الله عنها.
وقال ابْنُ عَبَّاسِ، ومُقَاتِلٍ، والحَسَنُ، والكَلْبِيُّ : وهم يعلمون أنها معصية.
وقيل : وهم يعلمون أن الإصرارَ ضار.
وقال الضَّحَّاكُ : وهم يعلمون أن الله يملك مغفرةَ الذنوب، وقال الحسن بن الفضل : وهم يعلمون أن لهم رباً يغفر الذنوب.
وقيل : وهم يعلمون أن الله تعالى، لا يتعاظمه الْعَفْو عن الذنوب - وإن كثرت-.