قال شيخنا رحمه الله تعالى : هذا مراد الإمام، والذي يدل عليه كلامه لمن تفقَّده، وما ظنه به الظّانّ من أنه لا يصح الندم إلا على فِعلٍ فِعلٍ وحركةٍ حركةٍ وسكنةٍ سكنةٍ على التعيين هو من باب تكْلِيف ما لا يُطاق، الذي لم يقع شرعاً وإن جاز عقلاً، ويلزم عنه أن يعرف كم جرعة جرعها في شرب الخمر، وكم حركة تحركها في الزنا، وكم خطوة مَشاها إلى محرّم، وهذا ما لا يطيقه أَحدٌ، ولا تتأتّى منه توبة على التفصيل.
وسيأتي لهذا الباب مزيدُ بيان من أحكام التوبة وشروطها في "النساء" وغيرها إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢١٣ ـ ٢١٤﴾. بتصرف يسير.
من فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
إن كان عطفَ فريقٍ آخر، فهم غيرُ المتّقين الكاملين، بل هم فريق من المتّقين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً، وإن كان عطفَ صفات، فهو تفضيل آخر لحال المتَّقين بأن ذُكر أوّلاً حال كمالهم، وذكر بعده حال تداركهم نقائصهم.
والفاحشة الفَعلة المتجاوزة الحدّ في الفساد، ولذلك جمعت في قوله تعالى :﴿ الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ﴾ [ النجم : ٣٢ ] واشتقاقها من فَحُش بمعنى قال قولاً ذميماً، كما في قول عائشة :"لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا متفحّشاً"، أو فعلَ فعلاً ذميماً، ومنه ﴿ قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ].
ولا شك أنّ التَّعريف هنا تعريف الجنس، أي فعلوا الفواحش، وظلمُ النفس هو الذنوب الكبائر، وعطفها هنا على الفواحش كعطف الفواحش عليها في قوله :﴿ الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ﴾ [ النجم : ٣٢ ].