فائدة
قال أبو حيان :
وقال الزمخشري : قال أجر العاملين بعد قوله جزاؤهم، لأنهما في معنى واحد، وإنما خالف بين اللفظين لزيادة التنبيه على أن ذلك جزاء واجب على عمل، وأجر مستحق عليه، لا كما يقول المبطلون.
وروي أن الله عزّ وجل أوحى إلى موسى عليه السلام : ما أقلَّ حياء من يطمعُ في جنتي بغير عمل، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي ؟ وعن شهر بن حوشب : طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب، وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور، وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وجهالة.
وعن الحسن يقول الله يوم القيامة : جوزوا الصراط بعفوي، وادخلوا الجنة برحمتي، واقتسموها بأعمالكم.
وعن رابعة البصرية أنها كانت تنشد :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها...
إن السفينة لا تجري على اليبس
انتهى ما ذكره، والبيت الذي كانت رابعة تنشده هو لعبد الله بن المبارك.
وكلام الزمخشري جار على مذهبه الاعتزال من أن الإيمان دون عمل لا ينفع في الآخرة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٦٦﴾
فصل
قال الآلوسى :
﴿ وَنِعْمَ أَجْرُ العاملين ﴾ المخصوص بالمدح محذوف أي وَنِعمَ أجر العاملين الجنة، وعلى ذلك اقتصر مقاتل، وذهب غير واحد أنه ذلك أي ما ذكر من المغفرة والجنات.
وفي الجملة على ما نص عليه بعض المحققين وجوه من المحسنات :
أحدها : أنها كالتذييل للكلام السابق فيفيد مزيد تأكيد للاستلذاذ بذكر الوعد،
وثانيها : في إقامة الأجر موضع ضمير الجزاء لأن الأصل ونعم هو أي جزاؤهم إيجاب إنجاز هذا الوعد وتصوير صورة العمل في العمالة تنشيطاً للعامل،
وثالثها : في تعميم العاملين وإقامته مقام الضمير الدلالة على حصول المطلوب للمذكورين بطريق برهاني.