وقال ابن عطية :
هذا استمرار في عتبهم، وإقامة لحجة الله عليهم، المعنى : أن محمداً ﷺ رسول كسائر الرسل، قد بلغ كما بلغوا، ولزمكم أيها المؤمنون العمل بمضمن الرسالة وليست حياة الرسول وبقاؤه بين أظهركم شرطاً في ذلك، لأن الرسول يموت كما مات الرسل قبله، و﴿ خلت ﴾ معناه مضت وسفلت، وصارت إلى الخلاء من الأرض. وقرأ جمهور الناس " الرسل " بالتعريف، وفي مصحف ابن مسعود " رسل " دون تعريف، وهي قراءة حطان بن عبد الله، فوجه الأولى تفخيم ذكر الرسل، والتنويه، بهم على مقتضى حالهم من الله تعالى، ووجه الثانية، أنه موضع تيسير لأمر النبي عليه السلام في معنى الحياة، ومكان تسوية بينه وبين البشر في ذلك، فجي تنكير " الرسل " جارياً في مضمار هذا الاقتصاد به ﷺ، وهكذا يفعل في مواضع الاقتصاد بالشي، فمنه قوله تعالى :﴿ وقليل من عبادي الشكور ﴾ [ سبأ : ١٣ ] وقوله تعالى :﴿ وما آمن معه إلا قليل ﴾ [ هود : ٤٠ ] إلى غير ذلك من الأمثلة، ذكر ذلك أبو الفتح، والقراءة بتعريف " الرسل " أوجه في الكلام. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٥١٦﴾


الصفحة التالية
Icon