فصل
قال الفخر :
إنه تعالى بين في آيات كثيرة أنه عليه السلام لا يقتل قال :﴿إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ﴾ [ الزمر : ٣٠ ] وقال :﴿والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس﴾ [ المائدة : ٦٧ ] وقال :﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلّهِ﴾ [ الصف : ٩ ] فليس لقائل أن يقول : لما علم أنه لا يقتل فلم قال ﴿أو قتل﴾ ؟
فإن الجواب عنه من وجوه :
الأول : أن صدق القضية الشرطية لا يقتضي صدق جزأيها، فإنك تقول : إن كانت الخمسة زوجا كانت منقسمة بمتساويين، فالشرطية صادقة وجزآها كاذبان، وقال تعالى :﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] فهذا حق مع أنه ليس فيهما آلهة، وليس فيهما فساد، فكذا ههنا.
والثاني : أن هذا ورد على سبيل الإلزام، فإن موسى عليه السلام مات ولم ترجع أمته عن ذلك، والنصارى زعموا أن عيسى عليه السلام قتل وهم لا يرجعون عن دينه، فكذا ههنا،
والثالث : أن الموت لا يوجب رجوع الأمة عن دينه، فكذا القتل وجب أن لا يوجب الرجوع عن دينه، لأنه فارق بين الأمرين، فلما رجع إلى هذا المعنى كان المقصود منه الرد على أولئك الذين شكوا في صحة الدين وهموا بالارتداد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨ ـ ١٩﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿انقلبتم على أعقابكم﴾ أي صرتم كفارا بعد إيمانكم، يقال لكل من عاد إلى ما كان عليه رجع وراءه وانقلب على عقبه ونكص على عقبيه، وذلك أن المنافقين قالوا لضعفة المسلمين : إن كان محمد قتل فالحقوا بدينكم، فقال بعض الأنصار : إن كان محمد قتل فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد.
وحاصل الكلام أنه تعالى بين أن قلته لا يوجب ضعفا في دينه بدليلين :
الأول : بالقياس على موت سائر الأنبياء وقتلهم،