وخرج الناس يتلونها في سِكك المدينة، كأنها لم تنزل قط إلا ذلك اليوم.
ومات ﷺ يوم الاثنين بلا اختلاف، في وقت دخوله المدينة في هجرته حين اشتدّ الضحاء، ودفن يوم الثلاثاء، وقيل ليلة الأربعاء.
وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله ﷺ :
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا...
وكنت بِنا بَرّاً ولم تك جافِياً
وكنت رحيماً هادياً ومُعلِّما...
ليَبْكِ عليك اليومَ من كان باكِيا
لعمرك ما أبكِي النبيَّ لِفقده...
ولكن لما أخشى من الهَرْجِ آتيا
كأنّ على قلبي لِذِكرِ محمدٍ...
وما خِفت من بعد النبي المكاوِيا
أفاطم صلى اللَّه رب محمدٍ...
على جَدَثٍ أمسى بيَثْرب ثَاوِيا
فِدًى لرسول اللَّه أُمِّي وخالتي...
وعمى وآبائي ونفسي وما لِيا
صدَقْتَ وبلّغتَ الرسالة صادقا...
ومتّ صَلِيبَ العودِ أبْلَجَ صافِيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا...
سعِدنا، ولكن أمره كان ماضِيا
عليك من اللَّه السلام تحيةً...
وأُدْخِلت جناتٍ من العَدْن راضِيا
أرى حسنا أيتَمته وتركتَه...
يُبَكِّي ويدعو جده اليوم ناعِيا
فإن قيل : فلِم أُخِر دفن رسول الله ﷺ وقد قال لأهل بيت أخَّروا دفن ميتهم :" عجلوا دفن جيفتكم ولا تؤخروها "
فالجواب من ثلاثة أوجه : الأوّل ما ذكرناه من عدم اتفاقهم على موته.
الثاني لأنهم لا يعلمون حيث يدفنونه.
قال قوم في البَقِيع، وقال آخرون في المسجد، وقال قوم : يحبس حتى يحمل إلى أبيه إبراهيم.
حتى قال العالم الأكبر : سمعته يقول :"ما دفن نبيّ إلا حيث يموت" ذكره ابن ماجه والموطأ وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon