من فوائد الشيخ الشنقيطى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾ الآية.
هذه الآية الكريمة على قراءة من قرأ ﴿ قَاتَلَ ﴾ بالبناء للمفعول يحتمل نائب الفاعل فيها أن يكون لفظة ربيون وعليه فليس في قتل ضمير أصلاً ويحتمل أن يكون نائب الفاعل ضميراً عائداً إلى النَّبي، وعليه فمعه خبر مقدم وربيون مبتدأ مؤخر سوغ الابتداء به اعتماده على الظرف قبله ووصفه بما بعده والجملة حالية والرابط الضمير وسوغ إتيان الحال من النكرة التي هي نبي وصفه بالقتل ظلماً وهذا هو أجود الأعاريب المذكورة في الآية على هذا القول، وبهذين الاحتمالين في نائب الفاعل المذكور يظهر أن في الآية إجمالاً. والآيات القرآنية مبينة أن النَّبي المقاتل غير مغلوب بل هو غالب كما صرح تعالى بذلك في قوله :﴿ كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي ﴾ [ المجادلة : ٢١ ]. وقال قبل هذا :﴿ أولئك فِي الأذلين ﴾ [ المجادلة : ٢٠ ] وقال بعده :﴿ إِنَّ اللهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴾ [ المجادلة : ٢١ ].
وأغلب معاني الغلبة في القرآن الغلبة بالسيف والسنان كقوله :﴿ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يغلبوا أَلْفاً مِّنَ الذين كَفَرُواْ ﴾ [ الأنفال : ٦٥ ] الآية. وقوله :﴿ فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يغلبوا أَلْفَيْنِ ﴾ [ الأنفال : ٦٦ ] وقوله :﴿ الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ﴾ [ الروم : ١-٤ ] وقوله :﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً ﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ] وقوله :﴿ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ ﴾ [ آل عمران : ١٢ ] إلى غير ذلك من الآيات.


الصفحة التالية
Icon