فصل


قال البيضاوى :
﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وانصرنا عَلَى القوم الكافرين ﴾ أي وما كان قولهم مع ثباتهم وقوتهم في الدين وكونهم ربانيين إلا هذا القول، وهو إضافة الذنوب والإِسراف إلى أنفسهم هضماً لها وإضافة لما أصابهم إلى سوء أعمالها والاستغفار عنها، ثم طلب التثبيت في مواطن الحرب والنصر على العدو ليكون عن خضوع وطهارة. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ١٠١﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
الجمهور على نصب ﴿ قَوْلِهِمْ ﴾ خبراً مقدَّماً، والاسم " أنْ " وما في حيزها، تقديره : وما كان قولهم [ إلا هذا الدعاء، أي : هو دأبهم وديدنهم ].
وقرأ ابن كثيرٍ وعاصم - في رواية عنهما - برفع " قولُهم " على أنه اسم " كان " والخبر " أن " وما في حيزها. وقراءة الجمهور أوْلَى ؛ لأنه إذا اجتمع معرفتانِ فالأولى أن تَجْعَل الأعرف اسماً، و" أن " وما في حيزها أعْر أعْرَف ؛ قالوا : لأنها تُشْبِه المُضْمَر من حيثُ إنها لا تُضْمَر، ولا تُوصَف، ولا يُوصَف بها، و" قولهم " مضافٌ لمُضْمَرٍ، فَهُوَ في رُتْبَةِ العَلَمِ، فهو أقلُّ تعريفاً.
ورَجَّحَ أبو البقاء قراءة الجمهور بوجهين :
أحدهما : هذا، والآخر : أن ما بعد " إلاَّ " مُثبَت، والمعنى : كان قولَهُمْ : ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا دَأبَهم في الدعاء، وهو حَسَنٌ.
والمعنى : وما كان قولهم شيئاً من الأقوالِ إلا هذا القول الخاصّ.
قوله :﴿ في أَمْرِنَا ﴾ يَجُوز فيه وجهانِ :
الأول : أنه متعلق بالمصدر قبله، يقال : أسرفتُ في كذا.
الثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنَّه حَالٌ منه، أي : حال كونه مستقراً في أمرنا. والأول أوجهُ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٥٩٠ ـ ٥٩١﴾. بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon