فالمراد بالموت هنا الموت في سبيل الله تعالى وهي الشهادة ولا بأس بتمنيها ولا يرد أن في تمني ذلك تمني غلبة الكفار لأن قصد المتمني الوصول إلى نيل كرامة الشهداء لا غير، ولا يذهب إلى ذلك وهمه كما أن من يشرب دواء النصراني مثلاً يقصد الشفاء لا نفعه ولا ترويج صناعته، وقد وقع هذا التمني من عبد الله بن رواحة من كبار الصحابة ولم ينكر عليه، ويجوز أن يراد بالموت الحرب فإنها من أسبابه، وبه يشعر كلام الربيع وقتادة فحينئذ المتمنى الحرب لا الموت.
﴿ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ ﴾ متعلق بتمنون } مبين لسبب إقدامهم على التمني أي من قبل أن تشاهدوا وتعرفوا هوله، وقرىء بضم اللام على حذف المضاف إليه ونية معناه وأن تلقوه حينئذ بدل من الموت بدل اشتمال أي كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل ذلك، وقرىء ( تلاقوه ) من المفاعلة التي تكون بين اثنين وما لقيك فقد لقيته، ويجوز أن يكون من باب سافرت والضمير عائد إلى ( الموت )، وقيل : إلى العدو المفهوم من الكلام وليس بشيء.