وقال أبو البقاء : جعل ما بعد ﴿ إِلا ﴾ اسماً لكان، والمصدر الصريح خبراً لها أقوى من العكس لوجهين : أحدهما : أن ﴿ أَن قَالُواْ ﴾ يشبه المضمر في أنه لا يوصف وهو أعرف، والثاني : أن ما بعد ﴿ إِلا ﴾ مثبت، والمعنى كان قولهم ربنا اغفر لنا ذنوبنا الخ دأبهم في الدعاء، وقال العلامة الطيبي : كأن المعنى ما صح ولا استقام من الربانيين في ذلك المقام إلا هذا القول وكأن غير هذا القول مناف لحالهم، وهذه الخاصية يفيدها إيقاع ﴿ إن ﴾ مع الفعل اسما لكان، وتحقيقه ما ذكره صاحب "الانتصاف" من أن فائدة دخول ﴿ كَانَ ﴾ المبالغة في نفي الفعل الداخل عليه بتعديد جهة فعله عموماً باعتبار الكون وخصوصاً باعتبار خصوصية المقال فهو نفى مرتين، ثم قال : فعلى هذا لو جعلت رب الجملة أن قالوا واعتمدت عليه وجعلت قولهم كالفضلة حصل لك ما قصدته ولو عكست ركبت التعسف، ألا ترى إلى أبي البقاء كيف جعل الخبر نسياً منسياً في الوجه الثاني واعتمد على ما بعد إلا انتهى.
ومنه يعلم ما في كلام مولانا شيخ الإسلام فإنه متى أمكن اعتبار جزالة المعنى مع مراعاة القاعدة الصناعية لا يعدل عن ذلك إلى غيره لا سيما وقد صرحوا بأن جعل الاسم غير الاعرف ضعيف، قال في "المغني" : واعلم أنهم حكموا لأن وإن المقدرتين بمصدر معرف بحكم الضمير لأنه لا يوصف كما أن الضمير أيضاً كذلك فلهذا قرأت السبعة ﴿ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ﴾ [ الجاثية : ٢٥ ] ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ﴾ [ النمل : ٥٦ ] والرفع ضعيف كضعف الأخبار بالضمير عما دونه في التعريف انتهى، وعلل بعضهم أعرفية المصدر المؤل بأنه لا ينكر.