وإنما أرادوا خدمة مولاهم فلا جرم أولئك حرموا وهؤلاء أعطوا، ليعلم أن كل من أقبل على خدمة الله أقبل على خدمته كل ما سوى الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٥﴾
لطيفة
قال أبو حيان :
قال علي : من عمل لدنياه أضرّ بآخرته، ومن عمل لآخرته أضرّ بدنياه، وقد يجمعهما الله تعالى لأقوام. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٨٢﴾
قوله تعالى :﴿والله يُحِبُّ المحسنين﴾
لطيفة
قال الفخر :
﴿والله يُحِبُّ المحسنين﴾ وفيه دقيقة لطيفة وهي أن هؤلاء اعترفوا بكونهم مسيئين حيث قالوا :﴿ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا﴾ فلما اعترفوا بذلك سماهم الله محسنين، كأن الله تعالى يقول لهم :
إذا اعترفت بإساءتك وعجزك فأنا أصفك بالإحسان وأجعلك حبيبا لنفسي، حتى تعلم أنه لا سبيل للعبد إلى الوصول إلى حضرة الله إلا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز.
وأيضاً : إنهم لما أرادوا الإقدام على الجهاد طلبوا تثبيت أقدامهم في دينه ونصرتهم على العدو من الله تعالى، فعند ذلك سماهم بالمحسنين، وهذا يدل على أن العبد لا يمكنه الإتيان بالفعل الحسن، إلا إذا أعطاه الله ذلك الفعل الحسن وأعانه عليه، ثم إنه تعالى قال :﴿هَلْ جَزَاء الإحسان إِلاَّ الإحسان﴾ [ الرحمن : ٦٠ ] وقال :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ﴾ [ يونس : ٢٦ ] وكل ذلك يدل على أنه سبحانه هو الذي يعطي الفعل الحسن للعبد، ثم أنه يثيبه عليه ليعلم العبد أن الكل من الله وبإعانة الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٥﴾