اللهِ بِالْمَوْتِ فَيَخْلُو كَمَا خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِ، إِذْ لَا بَقَاءَ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْمُوَحِّدِ أَنْ يَعْتَقِدَهُ لِغَيْرِهِ، أَفَإِنْ مَاتَ كَمَا مَاتَ مُوسَى وَعِيسَى، أَوْ قُتِلَ كَمَا قُتِلَ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى تَنْقَلِبُونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، أَيْ تُوَلُّونَ الدُّبُرَ رَاجِعِينَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، يَهْدِيهِمُ اللهُ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ فَيَبْقَى لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ إِرْسَالِهِ مَا أُرْسِلَ بِهِ مِنَ الْهِدَايَةِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، كَمَا وَجَبَ فِي عَهْدِهِ، وَلِلَّهِ دَرُّ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَرَضِيَ عَنْهُ فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي زَاغَتْ فِيهَا الْأَبْصَارُ وَالْبَصَائِرُ، وَاشْتَدَّ الْكَرْبُ حَتَّى بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَقَالَ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ وَالْمُنَافِقِينَ مَا قَالُوا، قَدْ قَالَ :" يَا قَوْمِ إِنْ مُحَمَّدٌ قُتِلَ فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اللهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ " ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.


الصفحة التالية
Icon