حَتَّى يَكُونُوا كَالتِّبْرِ الْخَالِصِ وَبِهِمْ يُقِيمُ دِينَهُ ; وَلِذَلِكَ قَالَ : وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ لَهُ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ بِالْقُوَى الْعَقْلِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ وَبِالْإِيمَانِ وَالْهِدَايَةِ، الْقَائِمِينَ بِحُقُوقِهَا فِي حَيَاةِ رَسُولِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى سَوَاءٍ، يَأْتُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِهِ، لَا يَأْلُونَ جُهْدًا، وَلَا يُقَصِّرُونَ فِي شَيْءٍ عَمْدًا، إِذْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُمْ لِوَجْهِ الرَّسُولِ فَيَبْطُلُ إِذَا غَيَّبَهُ الْمَوْتُ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ لِوَجْهِ اللهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهُوَ لَا يَمُوتُ وَلَا يَزُولُ.
الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِرْشَادٌ لَنَا إِلَى أَلَّا نَجْعَلَ الْمَصَائِبَ الشَّخْصِيَّةَ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِ مَنْ تُصِيبُهُ عَلَى بَاطِلٍ أَوْ عَلَى حَقٍّ، فَإِنَّ مِنَ الْجَائِزِ عَقْلًا وَالْوَاقِعِ فِعْلًا أَنْ يُبْتَلَى صَاحِبُ الْحَقِّ بِالْمَصَائِبِ وَالرَّزَايَا، وَأَنْ يُبْتَلَى صَاحِبُ الْبَاطِلِ بِالنِّعَمِ وَالْعَطَايَا، كَمَا أَنَّ عَكْسَ ذَلِكَ جَائِزٌ وَوَاقِعٌ، وَتُعَلِّمُنَا أَيْضًا أَلَّا نَعْتَمِدَ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ عَلَى وُجُودِ الْمُعَلِّمِ بِحَيْثُ نَتْرُكُهُمَا بَعْدَ ذَهَابِهِ أَوْ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا نَعْتَمِدُ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا وَالتَّحَقُّقِ بِهِمَا وَالسَّيْرِ عَلَى مِنْهَاجِهِمَا فِي حَالِ


الصفحة التالية
Icon