أَقُولُ : قَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا مَنْ أَهْمَلَ هِدَايَةَ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (جِنْسِيَّةً لَا إِذْعَانًا وَمَعْرِفَةً) فَتَرَاهُمْ إِذَا سَاءَ اعْتِقَادُهُمْ فِي رَجُلٍ - كَأَنْ خَالَفَ تَقَالِيدَهُمْ أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَهْوَاءَهُمْ - يَتَرَبَّصُونَ بِهِ الدَّوَائِرَ فَإِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ زَعَمُوا أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - قَدِ انْتَقَمَ مِنْهُ حُبًّا لَهُمْ وَبُغْضًا فِيهِ ! فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ مُتَّهَمًا بِالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُونَ صَلَاحَهُمْ وَوِلَايَتَهُمْ، قَالُوا إِنَّهُمْ قَدْ تَصَرَّفُوا فِيهِ ! ! وَيَغْفُلُونَ عَمَّا أَصَابَ النَّبِيَّ فِي أُحُدٍ وَمَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ، بَلْ يَعْمُونَ عَمَّا يُصِيبُ مُعْتَقَدِيهِمْ وَأَوْلِيَاءَهُمْ فِي عَهْدِهِمْ. لَمَّا حُبِسَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي عَاقِبَةِ الثَّوْرَةِ الْعُرَابِيَّةِ قَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمَغْرُورِينَ : إِنَّهُ حُبِسَ كَرَامَةً لِلشَّيْخِ عِلِيشٍ لِأَنَّهُ - أَيِ الشَّيْخِ عِلِيشٍ - كَانَ يَكْرَهُهُ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الشَّيْخُ عِلِيشٍ مَحْبُوسًا أَيْضًا فَقَالَ : لِمَاذَا أَكُونُ حُبِسْتُ كَرَامَةً لَهُ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي حُبِسَ كَرَامَةً لِي ; لِأَنَّهُ أَسَاءَ بِي الظَّنَّ وَقَالَ السُّوءَ لِتَصْدِيقِهِ فِيَّ الْوُشَاةَ النَّمَّامِينَ وَأَنَا لَمْ أَقُلْ فِيهِ شَيْئًا ؟ السَّبَبُ فِي
حَبْسِ كُلٍّ مِنَّا وَاحِدٌ، فَلِمَاذَا كَانَ كَرَامَةً لِوَاحِدٍ وَانْتِقَامًا مِنَ الْآخَرِ ؟


الصفحة التالية
Icon