" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت ﴾ قرأ البزي : بتشديد تاء " تَمَنَّوْنَ "، ولا يمكن ذلك إلا في الوصل، وقاعدته : أنه يصل ميم الجمع بواو، وقد تقدم تحرير هذا عند قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ [ البقرة : ٢٦٧ ].
قوله :" مِن قَبْلِ " الجمهور على كسر اللام ؛ لأنها مُعْربة ؛ لإضافتها إلى " أنْ " وصلتها.
وقرأ مجاهد وابنُ جبير :﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾ بضم اللام، وقطعها عن الإضافة، كقوله تعالى :﴿ لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ﴾ [ الروم : ٤ ] وعلى هذا فَـ " أنْ " وَصِلَتُها بدل اشتمال من " الْمَوْتَ " في محل نصب، أي : تَمَنَّوْنَ لقاء الموت، كقولك : رَهِبْتُ العَجُوَّ لقاءَه، والضمير في " تَلْقَوْهُ " فيه وجهان :
أظهرهما : عوده على " الْمَوْتَ ".
والثاني : عوده على العدو، وإن لم يجر له ذِكْر - لدلالة الحال عليه.
وقرأ الزُّهَرِيُّ، والنخعيّ " تُلاَقُوه "، ومعناه معنى " تَلْقَوْه " ؛ لأن " لقي " يستدعي أن يكون بين اثنين - بمادته - وإن لم يكن على المفاعلة.
قوله :﴿ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ ﴾ الظاهر أن الرؤية بصرية، فيكتفى بمفعول واحد.
وجوَّزوا أن تكون علمية، فتحتاج إلى مفعولٍ ثانٍ، هو محذوف، أي : فقد علمتموه حاضراً - أي : الموت-.
إلا أن حَذْف أحد المفعولين في باب " ظن " ليس بالسَّهْل، حتى إن بعضهم يَخُصُّه بالضرورة، كقول عنترة :[ الكامل ]
وَلَقَدْ نَزَلْتِ، فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُ... مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمُحَبِّ الْمُكْرَمِ
أي : فلا تظني غيره واقعاً مني.


الصفحة التالية
Icon