فالأشياء محاطة بقوى إلهية قوة تدفعها وقوة تجذبها وقوة تصاحبها وتربيها وهى القوى الأصلية التى تثبتها القرآن الكريم غير القوى الحافظة والرقباء والقرناء كالملائكة والشياطين وغير ذلك.
ثم إنا نسمى نوع التصرفات في الشئ إذا قصد به مقصد لا يظهر حاله بالنسبة إليه هل له صلوحه أو ليس له بالامتحان والاختبار فإنك إذا جهلت حال الشئ أنه هل يصلح لأمر كذا أو لا يصلح أو علمت باطن أمره ولكن أردت أن يظهر منه ذلك أوردت عليه أشياء مما يلائم المقصد المذكور حتى يظهر حاله بذلك هل يقبلها لنفسه أو يدفعها عن نفسه وتسمى ذلك امتحانا واختبارا واستعلاما لحاله أو ما يقاربها من الألفاظ.
وهذا المعنى بعينه ينطبق على التصرف الإلهي بما يورده من الشرائع والحوادث الجارية على أولي الشعور والعقل من الأشياء كالإنسان فإن هذه الأمور يظهر بها حال الإنسان بالنسبة إلى المقصد الذى يدعى إليه الإنسان بالدعوة الدينية فهى امتحانات إلهية.
وإنما الفرق بين الامتحان الإلهي وما عندنا من الامتحان أنا لا نخلو غالبا عن الجهل بما في باطن الأشياء فنريد بالامتحان استعلام حالها المجهول لنا والله سبحانه يمتنع عليه الجهل وعنده مفاتح الغيب فالتربية العامة الإلهية للإنسان من جهة دعوته إلى حسن العاقبة والسعادة امتحان لأنه يظهر ويتعين بها حال الشئ أنه من أهل أي الدارين دار الثواب أو دار العقاب.