قال ودّاك بنُ ثمَيْل المازني :
إذا استنجدوا لمْ يسْألوا من دعاهم
لأية حرب أم بأي مكان...
ولكنّه إذا كان تأييداً لظالم أو قاطع طريق، كان فيه دَخَل ومذمّة، فإذا كان إظهاراً لحقِّ المحقّ وإبطالِ الباطل، استكمل المحمدة، ولذلك فَسّر النَّبيء ﷺ نصر الظالم بما يناسب خُلُق الإسلام لمّا قال :" انصر أخاك ظالماً ومظلوماً " فقال بعض القوم : هذا أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ فقال :" أنْ تنصره على نفسه فتكفّه عن ظلمه ". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٤٧ ـ ٢٤٨﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهو خير الناصرين ﴾ لما ذكر أنه مولاهم، أي ناصرهم ذكر أنّه خير ناصر لا يحتاج معه إلى نصرة أحد، ولا ولايته.
وفي هذا دلالة على أن من قاتل لنصر دين الله لا يخذل ولا يغلب لأن الله مولاه.
وقال تعالى :﴿ إن تنصروا الله ينصركم ﴾ ﴿ إن ينصركم الله فلا غالب لكم ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٨٢ ـ ٨٣﴾.
فائدة
قال الفخر :
وإنما كان تعالى خير الناصرين لوجوه :
الأول : أنه تعالى هو القادر على نصرتك في كل ما تريد، والعالم الذي لا يخفى عليه دعاؤك وتضرعك، والكريم الذي لا يبخل في جوده، ونصرة العبيد بعضهم لبعض بخلاف ذلك في كل هذه الوجوه،
والثاني : أنه ينصرك في الدنيا والآخرة، وغيره ليس كذلك،
والثالث : أنه ينصرك قبل سؤالك ومعرفتك بالحاجة، كما قال :﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم باليل والنهار﴾ [ الأنبياء : ٤٢ ] وغيره ليس كذلك.
واعلم أن قوله :﴿وَهُوَ خَيْرُ الناصرين﴾ ظاهره يقتضي أن يكون من جنس سائر الناصرين وهو منزه عن ذلك، لكنه ورد الكلام على حسب تعارفهم كقوله :﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [ الروم : ٢٧ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٦﴾