وكل هذه الصفات ستتكاتف في إيراز العمل كي يرحمك حتى في الاستعانة، فلا يقول لك : هات الصفات كلها التي يحتاج إليها فعلك ؛ لأن هناك صفات أنت لا تعرفها، فيقول لك : هات الاسم الجامع لكل صفات الكمال. قال :" باسم الله "، وهي تضم كل صفات الكمال.
إذن فأنت تلاحظ انك إذا رأيت " نون العظمة " التي نسميها " نون الجمع " نجد أننا نقول :" نحن " للجماعة. أو للمتكلم الواحد حين يعظم نفسه، ولذلك نلاحظها حتى في قانون البشر، ألم يقولوا في الملكية :" نحن الملك "، وهذه النون بالنسبة لله ليست نون الجماعة. إنما هو " نون العظمة "، العظمة الجامعة لكل صفات الكمال التي يتطلبها أي فعل من الأفعال، لذلك قال سبحانه :﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ ﴾ فكل قلب به كفر يحتاج إلى إلقاء الرعب فيه. إذن فتأتي نون العظمة لتستوعب كل هذه القلوب الكافرة ؟.
وهو سبحانه لا يتجنى عليهم بالقاء الرعب، ولكن هم الذين استحقوا أن يلقى في قلوبهم الرعب، لماذا ؟ " بما أشركوا ". إن الإشراك بالله هو الذي جاء لهم بالرعب ؛ لأن الله يفعل، والشركاء لا يفعلون. ولو أن شركاءهم حق لما تخلوا عنهم. فلماذا لم يأتوا بشركائهم لينصروهم ؟ لقد جاءهم الرعب لأنهم ليس لهم مولى، ولو كان لهم آلهة قادرة - كما يدعون - لقالوا لتلك الآلهة : رب محمد يعمل معنا هكذا فلماذا لا تقفون له يا أربابنا ؟ لكنهم أشركوا بالله ما لا يضر ولا ينفع، بل ضره أقرب من نفعه.