قوله :﴿ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٦ ] متعلق بالإلقاء، وكذلك ﴿ بِمَآ أَشْرَكُواْ ﴾ ولا يضر تعلُّق الحرفين ؛ لاختلاف معناهما، فإن " في " للظرفية ؛ الباء للسببية. و" ما " مصدرية، و" ما " الثانية مفعول به لِ " أشْرَكُوا " وهي موصولة بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، والراجع : الهاء في " به " ولا يجوز أن تكون مصدرية - عند الجمهورِ - لعود الضمير عليها، وتسلط النفي على الإنزال - لفظاً - والمقصود نفي السلطان - أي : الحجة - كأنه قيل : لا سُلطان على الإشراك فينزل.
كقول الشاعر :[ السريع ]
................... وَلاَ تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرْ
أي لا ينجحر الضَّبُّ بها، فيُرَى.
ومثله قول الشاعر :[ الطويل ]
عَلَى لاَحِبٍ لا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ...................
أي : لا منار فيهتدى به، فالمعنى على نَفْي السلطان والإنزال معاً. و" سُلْطَاناً " مفعول به لِ " يُنَزِّلُ ".
قوله :﴿ بِمَآ أَشْرَكُواْ ﴾ " ما " مصدرية، والمعنى : بسبب إشراكهم باللهِ، وتقريره : أن الدعاء إنما يصير في محل الإجابة عند الاضطرار، كقوله :﴿ أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ ﴾ [ النمل : ٦٢ ] ومن اعتقد أن لله شريكاً لم يحصل له الاضطرار ؛ لأنه يقول : إذا كان هذا المعبودُ لا ينصرني، فالآخر ينصرني، وإذا لم يحصل في قلبه الاضطرارُ لم تحصل له الإجابةُ ولا النصرة وإذا لم يحصل ذلك وجب أن يحصل الرعبُ والخوفُ في قلبه فثبت أن الشركَ باللهِ يوجب الرعبَ.
قوله :﴿ وَبِئْسَ مثوى الظالمين ﴾ المخصوصُ بالذَّمِّ محذوفٌ، أي : مثواهم، أو النار.
المثوى : مَفْعَل، من ثَوَيْتُ - أي : أقمت - فلامه ياء وقدم المأوى - وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان - على المَثْوَى - وهو مكان الإقامةِ - لأن الترتيبَ الوجوديَّ أن يأوي، ثم يئوي، ولا يلزم المأوى الإقامة، بخلاف عكسه. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٥٩٤ ـ ٥٩٦﴾. بتصرف يسير.