والسادس : قيل : الوعد هو أن النبي ﷺ قال للرماة :" لا تبرحوا من هذا المكان، فإنا لا نزال غالبين ما دمتم في هذا المكان "
السابع : قال أبو مسلم : لما وعدهم الله في الآية المتقدمة إلقاء الرعب في قلوبهم أكد ذلك بأن ذكرهم ما أنجزهم من الوعد بالنصر في واقعة أحد، فإنه لما وعدهم بالنصرة بشرط أن يتقوا ويصبروا فحين أتوا بذلك الشرط لا جرم، وفى الله تعالى بالمشروط وأعطاهم النصرة، فلما تركوا الشرط لا جرم فاتهم المشروط. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٩﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ ولقد صدقكم ﴾ عطف على قوله :﴿ سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب ﴾ [ آل عمران : ١٥١ ] وهذا عود إلى التَّسلية على ما أصابهم، وإظهار لاستمرار عناية الله تعالى بالمؤمنين، ورمز إلى الثقة بوعدهم بإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وتبيين لسبب هزيمة المسلمين : تطميناً لهم بذكر نظيره ومماثله السابقِ، فإنّ لذلك موقعاً عظيماً في الكلام على حدّ قولهم ( التَّاريخ يعيد نفسه ) وليتوسّل بذلك إلى إلقاء تَبِعة الهزيمة عليهم، وأنّ الله لم يُخلفهم وعده، ولكن سوء صنيعهم أوقعهم في المصيبة كقوله :﴿ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ [ النساء : ٧٩ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٥١﴾
فصل
قال القرطبى :
قال محمد بن كعب القرظي : لما رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة بعد أحُد وقد أصيبوا قال بعضهم لبعض : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر! فنزلت هذه الآية.
وذلك أنهم قتلوا صاحبَ لِوَاء المشركين وسبعةَ نفر منهم بعدَه على اللواء، وكان الظفر ابتداءً للمسلمين غير أنهم اشتغلوا بالغنيمة، وترك بعضُ الرّماة أيضاً مركزَهم طلباً للغنيمة فكان ذلك سبب الهزيمة.