موعظة
قال الثعالبى :
واعلم ( رحمك اللَّه ) أنَّ تيسير أسْبَابِ الدُّنْيا مع إعراضك عن أمر آخرتك، ليس ذلك من علاماتِ الفَلاَحِ ؛ وقد روى ابنُ المُبَارك في "رقائقه"، قال : أخبرنا ابْنُ لَهِيعَةَ، قال : حدَّثني سعيدُ بنُ أَبِي سَعِيدٍ ؛ أنَّ رجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا ؟ قَالَ :" إذَا رَأَيْتَ كُلَّمَا طَلَبْتَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ، وابتغيته، يُسِّرَ لَكَ، وَإذَا أَرَدتَّ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، وابتغيته، عُسِّرَ عَلَيْكَ، فَأَنْتَ على حَالٍ حَسَنَةٍ، وَإذَا رَأَيْتَ كُلَّمَا طَلَبْتَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ، وابتغيته، عُسِّرَ عَلَيْكَ، وَإذَا أَرَدتَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وابتغيته، يُسِّرَ لَكَ، فَأَنْتَ على حَالٍ قَبِيحَةٍ " انتهى، فتأمَّله راشداً. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ٣٢٢﴾
قوله تعالى :﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ﴾ أي بعد أن استوليتم عليهم ردّكم عنهم بالانهزام.
ودَلّ هذا على أن المعصية مخلوقة لله تعالى.
وقالت المعتزلة : المعنى ثم انصرفتم ؛ فإضافته إلى الله تعالى بإخراجه الرّعب من قلوب الكافرين من المسلمين إبتلاءً لهم.
قال القشيرِي : وهذا لا يغنيهم ؛ لأن إخراج الرّعب من قلوب الكافرين حتى يستخفّوا بالمسلمين قبيحٌ ولا يجوز عندهم، أن يقع من الله قبيحٌ، فلا يبقى لقوله :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ﴾ معنًى.
وقيل : معنى ﴿ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ﴾ أي لم يكلفكم طلبهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٣٧﴾
وقال الفخر :
وقد اختلف قول أصحابنا وقول المعتزلة في تفسير هذه الآية، وذلك لأن صرفهم عن الكفار معصية، فكيف أضافه إلى نفسه ؟


الصفحة التالية
Icon