وقيل :( لا ) زائدة والمعنى لكي تأسفوا على ما فاتكم من الظفر والغنيمة وعلى ما أصابكم من الجراح والهزيمة عقوبة لكم، فالتعليل حينئذ ظاهر ولا يخفى أن تأكيد ( لا ) وتكريرها يبعد القول بزيادتها، وقيل : التعليل على ظاهره و( لا ) ليست زائدة والكلام متعلق بقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ] أي ولقد عفا الله تعالى عنكم لئلا تحزنوا الخ فإن عفو الله تعالى يذهب كل حزن، ولا يخفى ما فيه، وربما يقال : إن أمر التعليل ظاهر أيضاً على ما حكي عن السدي من غير حاجة إلى التأويل ولا القول بزيادة لا ويوضح ذلك ما أخرجه ابن جرير عن مجاهد قال : أصاب الناس غم وحزن على ما أصابهم في أصحابهم الذين قتلوا فلما اجتمعوا في الشعب وقف أبو سفيان وأصحابه بباب الشعب فظن المؤمنون أنهم سوف يميلون عليهم فيقتلونهم أيضاً فأصابهم حزن أنساهم حزنهم في أصحابهم فذلك قوله تعالى :﴿ فأثابكم غَمّاً بِغَمّ ﴾ الخ، وحديث إن المجازاة بالغم إنما تكون سبباً للحزن لا لعدمه غير مسلم على الإطلاق، وأي مانع من أن يكون غم مخصوص سبباً لزوال غم آخر مخصوص أيضاً بأن يعظم الثاني فينسى الأول فتدبر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٩٢ ـ ٩٣﴾
قوله تعالى ﴿والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾
قال الفخر :
﴿والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أي هو عالم بجميع أعمالكم وقصودكم ودواعيكم، قادر على مجازاتها، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وذلك من أعظم الزواجر للعبد عن الاقدام على المعصية، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ عليم بأعمالكم وبما قصدتم بها، وفي "المقصد الأسني" الخبير بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة وسمي صاحبها خبيراً، وفي ترغيب في الطاعة وترهيب عن المعصية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٩٣﴾


الصفحة التالية
Icon