ثم فسر الظن بقوله :﴿يقولون﴾ أي منكرين لأنه لم يجعل الرأي رايهم ويعمل بمقتضاه غشباً وتاسفاً على خروجهم في هذا الوجه وعدم رجوعهم مع ابن أبيّ بعد أن خرجوا ﴿هل لنا من الأمر﴾ أي المسموع، ولكون الاستفهام بمعنى النفي ثبتت أداة الاستغراق في قوله :﴿من شيء﴾ فكأنه قيل : فماذا يقال لهم ؟ فقيل :﴿قل﴾ أي لهم رداً عليهم احتقاراً بهم ﴿إن الأمر﴾ أي الحكم الذي لا يكون سواه ﴿كله لله﴾ أي الذي لا كفوء له، وليس لكم ولا لغيركم منه شيء، شئتم أو أبيتم، غزوتم أو قعدتم، ثبتم أو فررتم.
ولما قص سبحانه وتعالى عليهم بعض أمرهم في هذه الحرب، وبين لهم شيئاً من فوائد ما فعل بهم بقوله :﴿إن يمسسكم قرح﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ] وكان من جملة ذلك ما أظهر من أسرار المنافقين بهذه الوقعة في اتهامهم الله ورسوله، حتى وصل إلى هنا، وكان قولهم هذا غير صريح في الاتهام لإمكان حمله على مساق الاستفهام أخبر سبحانه وتعالى بتدليسهم بقوله :﴿يخفون﴾ أي يقولون ذلك مخفين ﴿في أنفسهم ما لا يبدون لك﴾ لكونه لا يرضاه اللهز ثم بين ذلك بعد إجماله فقال :﴿يقولون لو كان لنا من الأمر﴾ أي المسموع ﴿شيء ما قتلنا ههنا﴾ لأنا كنا نمكث في المدينة ولا نخرج إلى العدو.


الصفحة التالية
Icon