وأحسب أن لفظ الجاهلية من مبتكرات القرآن، وصف به أهل الشرك تنفيراً من الجهل، وترغيباً في العلم، ولذلك يذكره القرآن في مقامات الذمّ في نحو قوله :﴿ أفحكم الجاهلية يبغون ﴾ [ المائدة : ٥٠ ] ﴿ ولاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الجاهليّة الأولى ﴾ [ الأحزاب : ٣٣ ] ﴿ إذ جعل الَّذين كفروا في قلوبهم الحَمِيَّة حَمِيَّة الجَاهلية ﴾ [ الفتح : ٢٦ ].
وقال ابن عبَّاس : سمعت أبي في الجاهلية يقول : اسقنا كأساً دِهاقاً، وفي حديث حكيم بن حِزام : أنَّه سأل النَّبيء ﷺ عن أشياء كان يتحنّث بها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم.
وقالوا : شعر الجاهلية، وأيَّامُ الجاهلية.
ولم يسمع ذلك كُلّه إلاّ بعد نزول القرآن وفي كلام المسلمين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٥٨ ـ ٢٥٩﴾
فصل
قال الفخر :
في قوله :﴿ظَنَّ الجاهلية﴾ قولان :
أحدهما : أنه كقولك : حاتم الجود، وعمر العدل، يريد الظن المختص بالملة الجاهلية،
والثاني : المراد ظن أهل الجاهلية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٩﴾
فصل
قال الثعالبى :
وقد وردَتْ أحاديثُ صِحَاحٌ في الترغيبِ في حُسْن الظَّنِّ باللَّه عزَّ وجلَّ، ففي "صحيح مُسْلِم"، وغيره، عن النبيِّ ﷺ حاكِياً عن اللَّه عزَّ وجلَّ يقولُ سبْحَانه :" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي... " الحديثَ، وقال ابْنُ مَسْعود : واللَّه الَّذِي لاَ إله غيره، لا يُحْسِنُ أحَدٌ الظنَّ باللَّه عزَّ وجلَّ إلا أعطاه اللَّهُ ظنَّه، وذلك أنَّ الخَيْر بيده، وخرَّج أبو بَكْرِ بْنُ الخَطِيب بسنده، عن أنَسِ ؛ أنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ :" مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ المَرْءِ حُسْنُ ظَنِّهِ ". أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ٣٢٤﴾