فإن قيل : قوله :﴿ وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ ﴾ المرادُ منه القلب ؛ لقوله :﴿ القلوب التي فِي الصدور ﴾ [ الحج : ٤٦ ] فجعل متعلق الابتلاء ما انطوى عليه الصَّدْرُ - وهو ما في القلب من النِّيَّةِ - وجعل متعلق التمحيص ما في القلب - وهو النيات والعقائد - فلم خالف بين اللفظين في المتعلِّق ؟
فالجوابُ : أنه لما اختلف المتعلَّقان حسنَ اختلافُ لفظَيْهما. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٦١٩﴾.
لطيفة
قال ابن عاشور :
والتمحيص تخليص الشيء ممَّا يخالطه ممَّا فيه عيب له فهو كالتزكية.
والقلوب هنا بمعنى العقائد، ومعنى تمحيص ما فيه قلوبهم تطهيرها ممَّا يخامرها من الريب حين سماع شُبه المنافقين الّتي يبثُّونها بينهم.
وأطلق الصدور على الضّمائر لأنّ الصدر في كلام العرب يطلق على الإحساس الباطني، وفي الحديث :" الإثم ما حاك في الصّدر " وأطلق القلب على الاعتقاد لأنّ القلب في لسان العرب هو ما به يحصّل التفكّر والاعتقاد.
وعُدّي إلى الصّدور فعل الابتلاء لأنَّه اختبار الأخلاق والضّمائر : ما فيها من خير وشَرّ، وليتميّز ما في النفس.
وَعُدِّيَ إلى القلوب فعل التمحيص لأنّ الظنون والعقائد محتاجة إلى التمحيص لتكون مصدر كلّ خير. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٦١﴾
قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾
قال الفخر :
واعلم أن ذات الصدور هي الأشياء الموجودة في الصدور وهي الأسرار والضمائر وهي ذات الصدور لأنها حالة فيها مصاحبة لها وصاحب الشيء ذوه وصاحبته ذاته وإنما ذكر ذلك ليدل به على أن ابتلاءه لم يكن لأنه يخفي عليه ما في الصدور أو غير ذلك لأنه عالم بجميع المعلومات وإنما ابتلاهم اما لمحض الالهية أو للاستصلاح. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٤١﴾


الصفحة التالية
Icon